الطعام الشعبي وكرم الضيافة في جنوب سوريا: لمحة عن التراث الغني ودوره في تعزيز التواصل والتضامن
تتميز الجنوب السوري بتراث غني يعكس تنوعًا ثقافيًا وتاريخًا عريقًا. وفي إطار هذا التراث الغني، يتسلل الطعام الشعبي وكرم الضيافة كمفردات أساسية تبرز عمق الروح الجنوبية والترابط الاجتماعي بين أبناء المنطقة.
تحتضن ارض الجنوب السوري أطباقًا شعبية مميزة تتميز بنكهاتها الغنية وتنوع مكوناتها. تُعتَبَر “المليحي” واحدة من أبرز الأطباق الشعبية في درعا، حيث يُعَتَقَد أن تاريخه يعود لقرون عديدة. ويتميز هذا الطبق بجمعه الفريد بين اللحم وااللبن (الجميد او الكثي او الهقط) و البرغل، ما يمنحه طعمًا لا يُقاوَم وشهرة واسعة بين السكان المحليين, بالاضافة الى المليحي يعتبر الجنوب السوري بيتًا لأطباق محلية مميزة و حلويات شهية مثل اللزاقيات و القالب بلهجة اهل درعا و المرشم بلهجة اهل السويداء، والتي تُعَد يدويًا بحب واهتمام، وتقديمها يعتبر عرضًا للكرم والترحاب.
إقرأ أيضاً: العادات والتقاليد والقيم المشتركة لسكان جنوب سوريا: الأعراس والأهازيج والأغاني الشعبية
تبرز القهوة العربية (المرة) المنكهة بحب الهال كرمز للاصالة و كرم الضيافة حيث لا تخلو مضافة في الجنوب السوري من دلال القهوة. و اول ما يستقبل به الضيف فنجانا من القهوة يمنحه الود و الامان.
إن التجارب الغذائية الشعبية تُعتَبَر عادةً جزءًا لا يتجزأ من الثقافة والهوية الجماعية للشعوب. فبجانب إشباع الشهية، يحمل الطعام الشعبي في الجنوب السوري رموزًا وقيمًا اجتماعية وتراثية تعزز التواصل والتضامن. يُعَتَبر تقديم الطعام عند الحوارنة في السهل و الجبل عملاً من الفنون، وتناوله محطة لتعزيز العلاقات الاجتماعية وتوحيد الأواصر بين الأفراد.
لا يكتفي سكان جنوب سوريا بتحضير الأطعمة الشهية فحسب، بل يتبادرون لاستقبال الضيوف بكرم وترحاب. يعتبر تقديم الضيافة فنًا وعادة جامعة للمجتمع، حيث يُعَتَبر الضيف في تقاليد المنطقة ضيفًا محترمًا يجب تكريمه واحترامه. ومن خلال هذه البادرة الجميلة، يتبادر الحب والتعاون بين الجيران، وتتمثل قيم التراحم والتعاون في تقديم الضيافة بسخاء وكرم.
في ختام هذه الجولة في عالم الطعام الشعبي وكرم الضيافة في جنوب سوريا، ندرك بوضوح عمق الروابط الاجتماعية والروح الجماعية التي يحملها هذا التراث الغني. إن الطعام الشعبي وكرم الضيافة ليسا مجرد أطباق وتقاليد، بل هما عبارة عن رموز تجسد التضامن والتواصل بين الأفراد والمجتمعات.
لذا، يجب علينا الاحتفاء بتراثنا الغني والمميز والحفاظ عليه، وتعزيز الفهم المتبادل والتعاون بين سكان درعا والسويداء من خلال مشاركة تجارب الطعام وكرم الضيافة. ففي هذا التبادل والتواصل يكمن سر استمرارية العلاقات الإنسانية القوية وبناء جسور السلام والتفاهم المتبادل.
لذا، دعونا نحتفل بالأطباق الشعبية ونفخر بكرم الضيافة، ولنجعل منهما جسرًا لتعزيز الروابط الاجتماعية وتعزيز السلام والتفاهم في جنوب سوريا.
الرابط المختصر: https://spc-ngo.org/?p=8026